
أسطورة الرقص الشرقي..التي داست ملايين الجنيهات بقدميها وشربت خيولها الخمر وماتت أثناء التسول في الشوارع ولم يمشي في جنازتها الا شخصين!!
الملاعب
الملاعب
تمكنت بجمالها الساحر وقوامها المثالي وملامحها الجذابة من لفت الأنظار نحوها وسحب البساط من تحت قدمي منافسيها. لعبت الصدفة دورًا كبيرًا في حياة الراقصة شفيقة القبطية، حيث أنارت طريقها نحو المجد والشهرة وتناثرت على جسدها الذهب والفضة وجنت الكثير من الثروات. أصبحت الأغنياء فقراء والبشوات خاسرين وأصبحت هي الآن من أصحاب القصور والثروات. ولكن كما يقال، لا يدوم النجاح.
بعد مرور السنوات، ذبل جمالها واشتياق شعرها وانحنت ظهرها وكشرت الدنيا في وجهها. فقدت كل شيء، المال والشهرة والعشاق. لم يبق لها سوى شريط من الذكريات المؤلمة. عاشت شفيقة القبطية حياة الأمراء وانتهت حياتها بشكل تعيس يشبه نهاية البؤساء.
اقرأ ايضاً ->
شاب قلب ليبيا رأسًا على عقب بنبوءات مفزعة.. توقع كارثة درنة قبل يومين ولم يصغ له أحد، وفي أول ظهور له توقع هذا الشيء المرعب!ولكن دعونا نستعرض أهم المحطات في حياة الراقصة القبطية المتدينة. وُلدت شفيقة في عام ١٨٥١ في منطقة شبرا، لأسرة ملتزمة ومتدينة. كانت ترتبط بالكنيسة منذ صغرها وكانت تتردد عليها بشكل مستمر. كان السكان والمارة في منطقة شبرا ينتظرون مرور الفتاة الجميلة ليطلقوا عليها نظرة أثناء ذهابها إلى الكنيسة.
لعبت الصدفة دورًا كبيرًا في دخول شفيقة القبطية مجال الرقص عام ١٨٧١، حين رقصت شفيقة أمام الراقصة المشهورة "شوق"، والتي كانت الأشهر في ذلك الوقت، والوحيدة التي يسمح لها بأحياء حفلات العائلات الكبيرة. كانت "شوق" هي الراقصة التي رقصت في حفل افتتاح قناة السويس.
لفتت الفتاة السمراء الجميلة نظر "شوق" إليها وهي تتراقص مع مجموعة من الفتيات، وتبادلتا نظرات الإعجاب. أبدت الراقصة المشهورة إعجابها بالفتاة القبطية ابنة الأسرة المحافظة. وفي تلك اللحظة، أدركت "شفيقة" أن طريقها للمجد والشهرة سيبدأ مع "شوق". فذهبت إليها وطرقت باب منزلها، بعد أن تركت منزل أسرتها. في منزل "شوق"، تعلمت "شفيقة" مبادئ الرقص الأولى. بحثت أسرتها عنها كثيرًا ولكن دون جدوى.
وبعد مرور عدة أشهر على تركها المنزل، تمكنت أسرتها من معرفة مكانها، فأرسلوا إليها قسيسًا، لكي ينصحها بالعودة لأهلها، ولكنها رفضت. فأعلنت أسرتها التبرؤ منها. ومنذ تلك اللحظة، أرفقت شفيقة اسمها بالقبطية تيمنًا بدينها.
بعد مضي ستة أشهر فقط، توفيت "شوق"، وتوسعت المساحة لشفيقة التي برعت وانتشر صيتها وابتكرت بعض الرقصات الجديدة. في فترة قصيرة جداً، احتلت شفيقة عرش الرقص والفن وأصبح اسمها معروفاً في كل مكان. سارع أصحاب النوادي للعمل معها وتجمع حولها الرجال ووضع كل رجل يعجب بها ثروة ضخمة تحت قدميها. عندما كانت تقف شفيقة على خشبة المسرح للرقص، كانت الجنيهات الذهبية تتناثر عليها من المعجبين والعشاق. كانت تستخدم ثلاثة خدم لجمع هذه الجنيهات وتقديمها لها بعد انتهاء رقصتها. يقال إن أحد هؤلاء الخدم كان يحتفظ ببعض هذه الجنيهات لنفسه، وتمكن في وقت قصير من الحصول على ثروة كبيرة وأصبح من الأثرياء.
سافرت شفيقة إلى فرنسا وحققت هناك نجاحًا باهرًا. أطلقت عليها الصحافة المصرية لقب "الراقصة العالمية" وملكة الرقص الشرقي. تلقت بعدها العديد من العروض لإحياء الحفلات والأعراس في معظم الدول الأوروبية والعربية. وصلت شفيقة إلى مستوى من الشهرة والثراء، مما جعلها تعيش حياة الملوك والأمراء. كانت أول امرأة في مصر تمتلك عربات "الحنطور". أحبها الكثيرون وتهافت عليها المعجبين.
يقال إن العديد من الأثرياء والأغنياء أنفقوا كل أموالهم من أجل إرضاءها. كان هناك من كان يفتح زجاجات الشمبانيا ليسقي خيولها. على الرغم من أن الدنيا أعطت "شفيقة" كل شيء، إلا أنها حُرِمت من الأمومة. قررت أن تتبنى طفلاً وسمته "ذكي" ومنحته كل شيء. ولكن نشأته في جو الخمور والرقص والمال بدون حساب، جعلت منه شاباً فاسداً. أدمن الخمور والمخدرات وتدهورت حالته الصحية وتوفي بسبب الإدمان.
تألمت شفيقة كثيراً من أجله، وأدمنت هي الأخرى الخمور والمخدرات. عندما تقدمت في العمر، انتشر المعجبون من حولها واختفى الطابور الذي اعتادت أن تراه. لم تستطع تحمل ذلك، فبدأت تنفق أموالها على الشباب الصغير لتشعر بأنها ما زالت مرغوبة ومحبوبة.
كانت الحياة تبتسم لها بكل جمالها وألقها، حتى جاء القدر الذي لا يعترض وتغيرت حياتها من الأساس. فقد تزوجت من شاب صغير، ولم تكن تعلم أنه سيكون سبباً في تحطيم حياتها وسلبها كل شيء.
بعد الزواج، سرق الشاب جميع أموالها وممتلكاتهما، وتركها تتسول في شوارع القاهرة. كانت تعيش حياة بائسة، تفتش عن لقمة العيش يومياً، وتعاني من برد الشتاء القارس وحر الصيف اللاهب.
في إحدى الليالي الباردة، وجدت نفسها تفترش الحصير في أحد البيوت الشعبية. كانت تعيش في ظروف قاسية، لا تجد مأوى آمناً أو طعاماً كافياً لتشبع جوعها.
ولكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد، فقد أصيبت شفيقة بمرض شديد لم تستطع مقاومته. تدهورت حالتها الصحية بسرعة، ولم تجد من يساعدها أو يقدم لها العناية اللازمة.
وفي لحظة من الضعف الشديد، فارقت الحياة. توفيت وهي تجرع كؤوس الذل والمهانة، وتحملت أعباء الحياة بمفردها، دون أن يكون لها أحد يسندها أو يدعمها.
وكانت الصدمة الثانية تنتظرها في الجنازة، فلم يحضر سوى شخصين فقط لتشييع جثمانها. كانت وحيدة في حياتها، وظلت وحيدة أيضاً في وداعها الأخير.